الإسلاميون والمرجعيات الفاسدة Sattana brothers
10-29-2013 05:50 AM
أبو محمد الجابري
فرضيتي الأساسية في هذا المقال هي أن من يسمون أنفسهم "بالإسلاميين" جماعة منحرفة وغير سوية سواء على مستوى الفكر أو السياسة أو السلوك الفردي والعام، وفي كل هذه المستويات عندي إن شاء الله أسانيد وتفصيل .. أقتصر في هذا المقال المختصر على جوانب من الإنحراف الفكري لديهم مركزا بغير مقدمات مطولة على بعض الجوانب المعتمة والمختلة في فكرهم "التأصيلي" فأطرح أدناه بعض التساؤلات والانتقادات أمام من يظنون أنهم من ذوي الأهلية الفكرية في صفوف الإسلاميين إنقاذيين ومعارضين آملا أن يتقدم أحدهم – كبيرا أو صغيرا - للإجابة عليها احتسابا للمصلحة العامة (وأجره على الله).
التساؤل الرئيسي والأول هو "ما هي المرجعية الإسلامية لتأسيس تنظيم سياسي إسلامي في مجتمع مسلم في الأساس؟" فالمعروف من الخطاب الإسلامي أن المسلمين تتكافأ دماؤهم وأموالهم ويجير عليهم أدناهم كما ورد في الحديث .. وليس هناك أي أصل لتميّز مجموعة منهم على الآخرين.. ناهيك عن أن تأتي هذه المجموعة بأفكار من إختراع الشيطان عن أن لهم التمكين على من سواهم وأن لهم الوظائف ولهم التجارة ولهم السياسة خالصة من دون الناس.. إن كان ثمة تميز في الإسلام فهو تميز عند الله وبالتقوى لا غير ".. إن أكرمكم عند الله أتقاكم.." ومن عجب أن من ميزهم المسلمون – ولم يميزوا أنفسهم بأنفسهم- فاختاروهم للولاية العامة مثلا كان تميزهم بالخصم لا بالإضافة على حقوقهم العادية كمسلمين كما روي عن عمر في عام الرمادة وقد نقر على بطنه التي "قرقرت" من الجوع قائلا "قرقري ما شئت أن تقرقري فوالله لن تذوقي اللحم حتى يشبع أطفال المسلمين!!!" يعني تميزهم كان قربى من الله وزهدا في الدنيا وإشفاقا على المسلمين وسائر الخلق مع أن الدنيا كانت طوع بنانهم وتحت تصرفهم .. هكذا هو "تمكين المسلمين" (الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور" فهل خطر ببال أحد من هؤلاء أنهم هم الموصوفون تفصيلا في هذه الآية؟.. لا أظن ولا أحد مطلقا يمكن أن يظن ذلك.. فمن أين جئتم أنتم بتمكينكم هذا الذي بلونا المر من ثمره يا أيتها الجماعات الإسلامية؟؟؟
وقد كان من بين ما أسس لهم شيطانهم الأكبر "ترابي الماسوني" الذي ما تزال أفكاره هي السائدة على هذه الجماعة الضالة - سواء أن كانوا في الحكم أو خرجوا منه غير مستنكرين لأصوله الفكرية الأساسية وتائبين عنها ومستعفرين- أن تمكين الإسلام إنما يكون بتمكين هذه الفئة المختارة من المال والسلطة والإعلام وغيره .. وهذ فكرة اليهود والماسونيين وليست فكرة المسلمين ومنهجهم.. فالرسول (ص) عرضت عليه جبال مكة ذهبا فأباها - ولمن يعترض بضعف الحديث نقول لو سأل الرسول (ص) ربه ذلك لأعطاه .. "قال البوصيري :
وراودته الجبال الشم من ذهب عن نفسه فأراها أيما شمم
وأكدت زهده فيها ضرورته إن الضرورة لا تعدو على العصم
ولم يقل (ص) "بل نأخذها فننميها ونستعين بها على نصرة الرسالة" وأبو بكر ترك ماله كله بمكة وهاجر مع الرسول (ص) وقال إنه ترك لأهله "الله ورسوله" ولم يقل له الرسول (ص) "خذها معك مالك ووظفها حتى نستعين بها في نشر الدعوة" علما بأنهما معا كانا في عسرة وحاجة شديدة إلى المال ..وعمر ترك شطر ماله وصهيب (رضي الله عنهم جميعا) ترك ماله فداء لهجرته وفيه نزلت كما قال المفسرون " إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة.." إلى آخر الآية ولم يقل له الرسول (ص) "لماذا لم تحضر معك أموالك حتى نستخدمها في تعضيد الدعوة الوليدة؟...".. لا توجد آية أو حديث أو سند من سيرة الرسول الأعظم (ص) أو صحابته المرضي عنهم من الأمة تحث فئة من المسسلمين على اكتناز المال لأجل الدعوة .. بل الحث كل الحث على الإنفاق وعدم تعلق القلب بالدنيا... فمن أين أتى "الإسلاميون الجدد" بهذه الأفكار التي لا سند لها في الإسلام..؟؟؟ الأصل أن المسلمين سواسية كأسنان المشط (وما في حاجة إسمها دا "منظم معانا" ودا "مسلم ساكت")
ثانيا: استمعت مرة لأحد أقاربي (من الجماعة) وهو يقول إنهم يتبعون أسلوب الرسول (ص) في تنظيم الجماعة وتقسيمها إلى إمارات والتزامهم بالسرية والتكتم وغير ذلك.. ذكرت له أن المجتمع في عهد الرسول الأول في قريش كانوا مشركين ويترصدون للدعوة الإسلامية وأهلها ويمنعنوهم عبادتهم ونشر دعوتهم بالحسنى، وهذا الواقع فرض عليهم "السرية" والتخفي في "دار الأرقم" وغيرها! ولكن لم نسمع بعد ذلك عند قيام المجتمع المسلم في عهد الرسول (ص) وخلفائه الراشدين أنه كانت هناك مجموعة متميزة تخفي أمرها عن المسلمين أنفسهم ثم تجبي لنفسها ثمرات كل شئ وتدعهم حفاة عراة جوعى! هذه يا إخوة "بدعة فكرية" كبيرة وخطيرة تأسست عليها "بالتداعي وبالتسلسل المنطقي" أفكار التمكين والتمييز التي أمطرت على البلاد والعباد سحائب الخراب والفساد.. هم في مقولتهم هذه أكثر شبها باليهود إذ قالوا "نحن أبناء الله وأحباؤه..” والذين تولى الله سبحانه الرد عليهم بقوله "بل أنتم بشر ممن خلق"...
ثالثاً:.. ما يسمى بالتنظيم الإسلامي خلق بطبيعته المغلقة ولاء جديدا للفرد العضو فيه وهو الولاء للتنظيم ولتسلسله القيادي وهذا جانب مهم، وقد ذكر لي أحد المنضوين إلى تنظيمهم "غصبا للمحافظة على وظيفته وأكل عيشه!!" أن قسم الطاعة عندهم ليس مربوطا "بالطاعة في ما يرضي الله ورسوله" وإنما هي "الطاعة فحسب" يعني حتى لو جاءك أمر رأيت فيه مخالفة شرعية فعليك تنفيذه بدون اعتراض.. وهذا هو السبب في صمت أناس "أذكياء" مثل غازي وغيره عن أباطيل وفضائح كثيرة لفترات طويلة لأنك لا تستطيع أن تفسر مواقفهم بأنهم لم يعلموا أو لم يفهموا ولكن كان دافعهم هذا "الالتزام التنظيمي" المنحرف والعياذ بالله! ومن ههنا أتونا بفقه "السترة" "بتاع ناس حسن مكي" الذي ما أنزل اله به من سلطان ولا أصل له – بالمعنى الذي يريدون- في الإسلام مطلقا .. وبالنتيجة.. وبالتدرج يجد "العضو الملتزم" نفسه وقد اتخذ له إلها جديدا "غير الله الواحد ده" ودين جديد هو "التنظيم وأوامر التنظيم" ورسول جديد هو "قيادة التنظيم" التي طاعتها واجبة في المنشط والمكره..وهكذا يكون على استعداد مثلا لقتل الأبرياء أو للإعتداء على الأعراض والأموال كما هو مشاهد ومعلوم، ما دامت تلك هي "مصلحة التنظيم" و"قرار القيادة" اللذين يتوجب الالتزام بهما حتى ولو كان في ذلك ارتكاب الحرام البين والمفسدة الثابتة عند كل ذي عقل..ولا يرجع "العضو الملتزم" في ارتكابه هذه الأفعال إلى أصل التحليل والتحريم في مرجعيات الدين الثابتة مما قال الله أو الرسول (ص) أو تواطأ عليه المسلمون بل يتوقف عند توجيهات التنظيم وأوامره .. ألا إن "كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه.."
رابعاً: إن الله سمى هذه الأمة "المسلمين" (هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمْ الْمُسْلِمينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ) [الحج:78]، ونحن والله لا نعرف سوى هذا الإسم الذي سمى به الله هذه الأمة التي نرجو أن يحشرنا في زمرتها يوم يقوم الأشهاد فمن أين أتوا هم بمسمى "الإسلاميين" هذا؟....
خلاصة أمري أنه من حيث أصل الدين فهذه الجماعة منحرفة وضالة وأقرب الوجوه في فهمها وأصحها عندي أنها جماعة ماسونية أُبتعثت لتشويه معالم الدين ولتهديم مقوماته - على الأقل في مستوى قيادتها الفكرية والسياسية- فالبقية من جمهور قواعدهم قد تكون منخدعة بالشعارات الإسلامية الزائفة مثل "الحاكمية لله" وغيرها أو راغبة بالباطل في دنيا من ثروة أو سلطة أو جاه بغض النظر عن أي محددات دينية أو فكرية..
أخيرا أقول لكم يا إخواني معشر قراء هذه الصحيفة الحرة أن ما سقته أعلاه ليس من باب "الفلسفة الفارغة" كما يقال.. بل إن أفكارهم التي أوردتها ترونها متجسدة أمام أعينكم في أشخاص ومواقف وسياسات تنصب عليكم – وما انفكت- "بلاويها" كل صبح ومساء..
وبعد فهذه عجالة ورؤوس مواضيع ودعوة للمعنيين والمهتمين بالجوانب الفكرية و"التأصيلية" كما يقولون للمشاركة وإثراء الفكر العام، كما هي تحدّ صريح ومكشوف لكل من يزعم أن أصل هذه الجماعة سليم فكريا ودينيا وأنهم فقط أخطأوا في التطبيق... والسلام..
أخوكم/ أبو محمد الجابري
أمدرمان
Abuljwad@gmail.com
Nessun commento:
Posta un commento